لون العيون العسلي وأصحابه

عدد الأشخاص الذين يمتلكون عيوناً عسليةً: دراسة شاملة عن لون العين العسلي وتوزيعه حول العالم

تُعتبر عيون الإنسان من أكثر السمات التي تميز الفرد وتضفي عليه جاذبية خاصة، ولون العين هو واحد من أهم هذه السمات. من بين الألوان المتعددة التي تتنوع بها العيون، يبرز لون العيون العسلي كواحد من الألوان التي تحمل تميزاً نادراً وجمالاً خاصاً. في هذا المقال سيتم تناول موضوع عدد الأشخاص الذين يمتلكون عيوناً عسليّة، مع استعراض علمي مفصل حول طبيعة هذا اللون، أسباب ظهوره، وتوزيعه الجغرافي، بالإضافة إلى التأثيرات الجينية والبيئية التي تتحكم في ظهوره، مع رصد لبعض الدراسات والإحصائيات الحديثة المتعلقة بهذا الموضوع.

ماهية لون العين العسلي: تعريف وصفات مميزة

لون العين العسلي هو لون يتوسط بين البني والأخضر، وله عدة درجات وتفاوتات لونية قد تشمل أحياناً مزيجاً من الذهبي والبني والأخضر. يُوصف هذا اللون بأنه دافئ ومتعدد الأبعاد، حيث يمكن أن يظهر بألوان متفاوتة في ظروف إضاءة مختلفة، ما يجعله لوناً متغيراً وجذاباً. يُعتقد أن اللون العسلي يعود إلى تركيبة خاصة من صبغة الميلانين ومستوى التوزيع المختلف للأصباغ في القزحية.

يتشكل لون العين نتيجة لتركيب الأصباغ داخل القزحية، وهي الطبقة الملونة من العين التي تحدد لون العين الظاهر. يرتبط لون العيون بكمية ونوعية الميلانين، وهي صبغة تحمينا من الأشعة فوق البنفسجية، حيث يقل تركيز الميلانين في العيون ذات الألوان الفاتحة مثل الأزرق والعسلي مقارنة بالعيون البنية الداكنة.

الأسباب الجينية وراء لون العيون العسلي

يعد لون العين من الصفات الوراثية المعقدة التي يتحكم فيها عدد من الجينات، وأبرزها الجينات التي تؤثر على إنتاج ونقل صبغة الميلانين في القزحية. في الماضي، كان يُعتقد أن لون العين يتحدد بواسطة جينين فقط، لكن الدراسات الحديثة أظهرت أن هناك أكثر من 16 جيناً معقداً تعمل مع بعضها في تحديد لون العين، وهذا ما يفسر التنوع الكبير في ألوان العيون، وخصوصاً في الألوان المتوسطة كالعسلي.

لون العين العسلي ينتج عن تركيز متوسط لصبغة الميلانين داخل القزحية، وهذا التركيز المتوسط يؤدي إلى اللون الدافئ الذي يجمع بين لون البني والأخضر. الجينات المسؤولة عن هذا اللون تشمل بشكل رئيسي جينات مثل OCA2 وHERC2، التي تؤثر على كمية الميلانين التي يتم إنتاجها في العين.

نسبة انتشار العيون العسلية بين السكان

يُعد اللون العسلي من الألوان النادرة نسبياً مقارنة بلون العين البني، الذي يهيمن على أغلب سكان العالم، أو حتى مقارنة بالعيون الزرقاء أو الخضراء التي تظهر بنسب متفاوتة في بعض المناطق. وفقاً للإحصائيات والدراسات المتوفرة، يقدر عدد الأشخاص الذين يمتلكون عيوناً عسليّة بحوالي 5% إلى 10% من سكان العالم، وهذا الرقم قد يختلف قليلاً اعتماداً على المنطقة الجغرافية والتكوين العرقي للسكان.

في مناطق مثل الشرق الأوسط، وجنوب أوروبا، وجنوب آسيا، تزداد نسبة انتشار العيون العسلية، حيث تلعب العوامل الوراثية والبيئية دوراً في ظهور هذا اللون. أما في شمال أوروبا، حيث تكثر العيون الزرقاء والخضراء، تكون نسبة العيون العسلي أقل. كذلك، في القارة الأمريكية، تنتشر العيون العسلي بشكل أكبر بين السكان الذين لهم أصول متوسطة وجنوبية أوروبية.

التوزيع الجغرافي للعيون العسلية

ينتشر اللون العسلي بشكل خاص في المناطق ذات التنوع الجيني الكبير والتاريخ العرقي المتعدد. يعد الشرق الأوسط من أبرز المناطق التي يتواجد فيها لون العين العسلي بكثافة، حيث يميز نسبة كبيرة من السكان، خاصة في دول مثل تركيا، إيران، لبنان، سوريا، والعراق.

في أوروبا، يظهر اللون العسلي بشكل ملحوظ في دول البحر المتوسط مثل إيطاليا، اليونان، إسبانيا، والبرتغال. يعود هذا الانتشار إلى التزاوج بين الأعراق المختلفة عبر التاريخ، ما أدى إلى ظهور ألوان عيون متوسطة غير سائدة في المناطق الأخرى.

أما في آسيا، فتُلاحظ نسبة من العيون العسلية لدى بعض الشعوب في جنوب آسيا كالهند وباكستان، وأيضاً بين الشعوب التي تقع على الحواف الغربية من آسيا الوسطى.

العوامل البيئية وتأثيرها على لون العين العسلي

على الرغم من أن لون العين تحدده الجينات بشكل أساسي، إلا أن العوامل البيئية لها تأثير طفيف في مظهر اللون الظاهري للعين، خاصة في الألوان الفاتحة مثل العسلي. يتغير مظهر لون العين العسلي وفقاً للضوء المحيط، حيث يمكن أن تظهر العيون العسلية بألوان مختلفة من ذهبي، إلى أخضر فاتح، أو بني فاتح بحسب شدة الإضاءة وظروف البيئة المحيطة.

درجة التعرض لأشعة الشمس وكمية الميلانين التي تنتجها العين يمكن أن تؤثر أيضاً بشكل طفيف على اللون، فالأشخاص الذين يعيشون في مناطق مشمسة أكثر قد يظهر لديهم لون عيون عسلي أغمق قليلاً بسبب زيادة إنتاج الميلانين كآلية حماية طبيعية.

الدراسات والإحصائيات الحديثة حول العيون العسلية

أظهرت الدراسات العلمية الحديثة التي أجريت باستخدام تقنيات الجينوم وتحليل الصبغات أن لون العيون العسلي يمثل حالة وسط بين اللون البني والأخضر، وهذا اللون ينتشر بحدود 5 إلى 10% من مجموع السكان عالمياً. دراسة أجرتها جامعة هارفارد بالتعاون مع معاهد دولية أظهرت أن العيون العسلية لها تنوع جيني كبير، مما يجعلها من الألوان الأكثر تميزاً وتفاوتاً على مستوى العالم.

كما أظهرت دراسة في مجلة علم الوراثة البشرية أن نسبة العيون العسلية تختلف بشكل كبير حسب المنطقة العرقية، وأن انتشار هذا اللون يرتبط تاريخياً بالتزاوج بين مجموعات عرقية مختلفة، وهو ما يفسر وجوده في مناطق ذات تاريخ معقد من التداخل الجيني.

الخصائص الفسيولوجية والجميلية للعيون العسلية

تمتاز العيون العسلي بعدة خصائص تجعلها محط اهتمام في مجالات الطب وعلم الجمال. من الناحية الفسيولوجية، تميل العيون العسلي إلى وجود تركيز متوسط من صبغة الميلانين التي تمنحها حماية متوسطة ضد الأشعة فوق البنفسجية مقارنة بالعيون الزرقاء الفاتحة. كما أن هذا التركيب يمنح العيون العسلي قدرة على التكيف البصري الجيد في ظروف إضاءة مختلفة.

من الناحية الجمالية، يعتبر اللون العسلي من الألوان التي تلفت الانتباه بجمالها الطبيعي، حيث يظهر هذا اللون بدرجات متعددة تعطي مظهراً فريداً لكل شخص. كما أن تغير اللون في أوقات مختلفة من اليوم أو حسب الإضاءة، يجعل العيون العسلية تبدو ديناميكية ومتغيرة، وهو أمر نادر في ألوان العيون الأخرى.

التحديات والمعتقدات المرتبطة بالعيون العسليّة

على الرغم من جمال العيون العسليّة، إلا أن بعض المعتقدات الثقافية قد تحمل أحياناً أفكاراً مختلفة عنها. في بعض الثقافات، يُعتبر لون العين العسلي علامة على الغموض أو القوة، بينما في ثقافات أخرى يرتبط بلون العين العسلي بمعتقدات خارقة أو صفات شخصية معينة.

من الناحية الطبية، لا يوجد ارتباط مباشر بين لون العين العسلي وأي حالات صحية معينة، لكن من المهم التنويه إلى أن الأشخاص ذوي العيون الفاتحة بشكل عام قد يكونون أكثر عرضة لبعض الأمراض المرتبطة بالعين بسبب انخفاض صبغة الميلانين، مثل حساسية الضوء.

خاتمة

عدد الأشخاص الذين يمتلكون عيوناً عسليّة يتراوح بين 5% إلى 10% من سكان العالم، مما يجعل هذا اللون من الألوان النادرة والمميزة. يرتبط هذا اللون بتداخل معقد للجينات التي تتحكم في إنتاج صبغة الميلانين، وينتشر بشكل أكبر في مناطق جغرافية مثل الشرق الأوسط وأوروبا الجنوبية وجنوب آسيا. العيون العسليّة تحمل جمالاً فريداً وتنوعاً لونيّاً يعكس تعقيد الطبيعة البشرية من الناحية الجينية والفسيولوجية، مما يجعلها محط اهتمام ودراسة في مجالات متعددة تشمل الطب، علم الوراثة، وعلم الجمال.

المصادر والمراجع

1. Sturm, R. A. (2009). Molecular genetics of human pigmentation diversity. Human Molecular Genetics, 18(R1), R9-R17.

2. Eiberg, H., Troelsen, J., Nielsen, M., Mikkelsen, A., Mengel-From, J., Kjaer, K. W., & Hansen, L. (2008). Blue eye color in humans may be caused by a perfectly associated founder mutation in a regulatory element located within the HERC2 gene inhibiting OCA2 expression. Human Genetics, 123(2), 177-187.